أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 15 سبتمبر : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أهله ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 15 سبتمبر 2023 م بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أهله ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 30 صفر 1445هـ ، الموافق 15 سبتمبر 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 سبتمبر 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أهله .

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 سبتمبر 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أهله ، بصيغة word أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 سبتمبر 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أهله ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة 15 سبتمبر 2023 م بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أهله ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) جَمَعَ الرسولُ المحامدَ كلَّهَا.

(2) تعاملُهُ مع أهلِ بيتِهِ.

(3) حسنُ العِشرةِ بينَ الأهلِ مِن تمامِ الهديِ النبوِي.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 15 سبتمبر 2023 م بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أهله ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

خطبة بعنوان: «حالُ النبيِّ مع أهلِهِ»

بتاريخ 30 صفر 1445 هـ = الموافق 15 سبتمبر 2023 م

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِك، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ، أمَّا بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 15 سبتمبر 2023م

(1) جَمَعَ الرسولُ المحامدَ كلَّهَا:

المستقرءُ لسيرةِ سيدِنَا مُحمدٍ يجدُ أنَّه قد حازَ الفضائلَ كلَّهَا، وجمعَ الأخلاقَ جميعَهَا، بل كانت أخلاقُهُ لا نظيرَ لهُ فيه ولا مثيل، شَهدَ له بذلك ربُّهُ فقالَ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ فهو فاقَ جميعَ الأخلاقِ حتى صار مضربَ الأمثالِ، فأصبحَ مستعليًا عليها، متصفًا بها ظاهرًا وباطنًا، قائمًا وقاعدًا مع أحبابِهِ وأعدائِهِ، وكذا مَن عاشرَهُ وخالطَهُ وجالسَهُ بل حتى خصومهُ لم يجرؤوا أنْ يتهمُوه بمَا يذمُّهُ أو يقدحُ في أخلاقِهِ ، وقد صحَّ أنَّ ملكَ الرومِ هِرقلَ قال لأبي سُفيانَ قبلَ إسلامِهِ وَسَأَلْتُكَ:«هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ، فَزَعَمْتَ: أَنْ لاَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ» (متفق عليه) .

لقد كانت أخلاقُهُ تجسيدًا عمليًّا لِمَا جاء في القرآنِ الكريمِ، فعَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرِينِي بِخُلُقِ رَسُولِ اللهِ قَالَتْ: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَوْلَ اللهِ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾» (أحمد)، وتعني ــ رضي اللهُ عنها ــ بذلك: أنَّه كان يتأدبُ بمَا جاءَ في القرآنِ مِن آدابٍ طيِّبةٍ، ويتخلَّقُ بِما ذُكِرَ فيهِ مِن أخلاقٍ عاليةٍ، ويَعملُ بمَا جاءَ فيهِ مِن مكارمَ وصفاتٍ طيِّبةٍ جليلةٍ، ترفعُهُ في الدنيا والآخرةِ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 15 سبتمبر 2023م

(2) تعاملُهُ مع أهلِ بيتِهِ:

لقد تعاملَ مع أهلِ بيتِهِ بكلِّ رحمةٍ وسهولةٍ وبساطةٍ، فلم يؤثرْ عنه أنَّه آذَى امرأةً أو شقَّ عليهن، ويكفِي أنْ نتأمَّلَ بعضَ مواقفِهِ: «اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النبي فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ – ابنته- عَالِيًا، فَلَمَّا دَخَلَ تَنَاوَلَهَا لِيَلْطِمَهَا، وَقَالَ أَلا أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَجَعَلَ النبيُّ يَحْجِزُهُ وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُغْضَبًا، فَقَالَ النبي حِينَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ: كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنْ الرجُلِ ؟، قَالَ: فَمَكَثَ أَبُو بَكْرٍ أَيامًا ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَوَجَدَهُمَا قَدْ اصْطَلَحَا فَقَالَ لَهُمَا: أَدْخِلانِي في سِلْمِكُمَا كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي في حَرْبِكُمَا فَقَالَ النبي: قَدْ فَعَلْنَا قَدْ فَعَلْنَا»(أبو داود)، فها هي رحمتُهُ قد فاقتْ رحمةَ الأبِ، فأبو عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما- هو أبو بكرٍ الصديقُ- أرادَ أنْ يعاقبَهَا على خطئِهَا، ولكن لرحمتِهِ بها حجزَ عنها أباها!، وفيمَا يلي بيانٌ لقبسٍ مِن حالِهِ مع أهلِهِ:

أولًا: قضاءُ حوائجِ الزوجةِ ومساعدتُهَا ببعضِ الأعمالِ: الزوجةُ بشرٌ تتعبُ وتمرضُ، فعلى الزوجِ أنْ يُراعِي ذلك فيقومُ بمساعدتِهَا، وقضاءِ حوائِجِهَا، والقيامِ ببعضِ أعمالِ المنزلِ عنها، فنبيُّنَا كان يقومُ بخدمةِ ورعايةِ أهلِ بيتِهِ سُئلتْ عَائِشَةُ: «هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ» (ابن حبان) .

إذًا التواضعُ والبساطةُ مع شريكةِ العمرِ مِن أسبابِ السعادةِ، والمرأةُ في البيتِ ليست هملًا أو متاعًا، بل هي إنسانٌ كالرجلِ تشاركُهُ وتشاطرُهُ الأفراحَ والأتراحَ، فعلى الزوجِ أنْ يقفَ مع زوجِهِ ويعينَهَا.

تابع / خطبة الجمعة القادمة 15 سبتمبر 2023م

ثانيًا: مراعاةُ شعورِهَا ونفسيتِهَا: أحيانًا تُخطئٌ زوجتُهُ خطًأ كبيرًا، ويكونُ هذا الخطأُ أمامَ الناسِ، وقد يسببُ ذلك الإحراجَ لهُ، ومع ذلك فمِن رحمتِهِ يُقدِّرُ موقفَهَا، ويرحمُ ضعفَهَا، ويعذرُ غيرتَهَا، ولا ينفعلُ أو يتجاوزُ، إنَّما يتساهلُ ويعفُو فعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ – أَظُنُّهَا عَائِشَةَ – فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ لَهَا بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، قَالَ: فَضَرَبَتِ الْأُخْرَى بِيَدِ الْخَادِمِ، فَكُسِرَتِ الْقَصْعَةُ بِنِصْفَيْنِ، قَالَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: غَارَتْ أُمُّكُمْ، قَالَ: وَأَخَذَ الْكَسْرَيْنِ فَضَمَّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى، فَجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ، ثُمَّ قَالَ: كُلُوا فَأَكَلُوا وَحَبَسَ الرَّسُولَ، وَالْقَصْعَةَ حَتَّى فَرَغُوا، فَدَفَعَ إِلَى الرَّسُولِ قَصْعَةً أُخْرَى، وَتَرَكَ الْمَكْسُورَةَ مَكَانَهَا»(البخاري)، لقد أخذَ رَسُولُ اللَّهِ هذا الموقفَ ببساطةٍ، وجمعَ الطعامَ مِن على الأرضِ، وقد عللَّ غضبَ زوجتهِ بالغيرةِ، ولم ينسَ أنْ يرفعَ قدرَهَا، فأيُّ رحمةٍ هذه التي كانت في قلبهِ ، ماذا لو حدثَ هذا في زمانِنَا اليوم هذا الموقفُ ؟ ماذا كان يفعلُ الزوجُ؟.

وكان يُراعِي عذرَهَا حالَ الأذَى فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أَتَعَرَّقُ الْعَظْمَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَأُعْطِيهِ النَّبِيَّ فَيَضَعُ فَمَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ وَضَعْتُهُ، وَأَشْرَبُ الشَّرَابَ فَأُنَاوِلُهُ فَيَضَعُ فَمَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كُنْتُ أَشْرَبُ مِنْهُ» (أبو داود) .

ثالثًا: الحذرُ مِن شتمِهَا أو ضربِهَا والإساءةِ إليهَا: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلَا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا ضَرَبَ خَادِمًا أَوِ امْرَأَةً» (النسائي).

رابعًا: الممازحةُ والمرحُ مع الأهلِ: لا بأسَ أنْ ينظمَ الزوجُ أوقاتًا خاصةً للمرحِ واللعبِ مع الزوجةِ، فهذه سنةٌ تضفِي على الحياةِ الزوجيةِ البهجةَ والسعادةَ، وتقطعُ الروتين البغيضَ فيها، فعن عائشةَ قالت: «زارتنَا سودةُ يومًا فجلسَ رسولُ اللهِ بيني وبينها إحدَى رجليهِ في حجرِي، والأخرى في حجرِهَا، فعملتُ لهَا حريرةً، أو قال: خزيرةً فقلتُ: كُلِي، فأبتْ فقلتُ: لتأكلِي، أو لألطخنَّ وجهَك، فأبتْ، فأخذتُ مِن القصعةِ شيئًا فلطختُ بهِ وجههَا، فرفعَ رجلَهُ مِن حجرِهَا تستقيدُ منِّي، فأخذت مِن القصعةِ شيئًا فلطخت به وجهِي، ورسولُ اللهِ يضحكُ، فإذا عمرُ يقولُ: يا عبدَ اللهِ بنَ عمرَ، يا عبدَ اللهِ بنَ عمرَ فقالَ لنَا : «قومَا فاغسلَا وجوهكُمَا، فلا أحسبُ عمرَ إلَّا داخلًا» (النسائي) .

تابع / خطبة الجمعة القادمة 15 سبتمبر 2023م

خامسًا: الجلوسُ مع الزوجةِ والتحدثُ إليهَا ومشاورتُهَا: إنّ كثيرًا مِن الأزواجِ كثيرُ الترحالِ والخروجِ، كثيرُ الارتباطاتِ، فأيُّ حياةٍ هذه؟! وأين حقُّ الزوجةِ والأولادِ والجلوسُ معهُم؟! وانظرْ مثالًا لهذا الفنِّ في الجلوسِ مع الزوجةِ والحديثِ معهَا، حديثَ أمِّ زرعٍ الطويل، ورسولُ اللهِ يسمعُ لـلسيدةِ عائشةَ تحكيهِ، قال ابنُ حجرٍ: “وفيهِ أي:- هذا الحديث مِن الفوائدِ- حسنُ عشرةِ المرءِ أهلَهُ بالتأنيسِ والمحادثةِ بالأمورِ المباحةِ ما لم يفضِ ذلك إلى ما يمنعُ” أ.ه .

إنَّ استشارةَ الزوجةِ والشكايةَ لهَا يشعرُهَا أيضًا بقيمتِهَا وحبِّهَا، استشرْ المرأةَ ولو لم تكنْ أيُّها الأخُ الحبيبُ بحاجةٍ إلى مثلِ هذه المشورة، فإنَّك تشعرُ هذه الزوجةَ بقيمتِهَا وحبِّكَ لهَا، ولن تعدمَ الرأي والمشورةَ أبدًا فربَّمَا فتحتْ عليكَ برأيٍ صائبٍ كان السببَ في سعادتِكَ، فنبيُّنَا كان يستشيرُ أزواجَهُ، ومِن ذلك استشارتُهُ لـ أمِّ سلمةَ في صلحِ الحديبية عندما أمرَ أصحابَهُ بنحرِ الهدي وحلقِ الرأسِ فلم يفعلُوا؛ لأنَّه شقّ عليهم أنْ يرجعُوا ولم يدخلُوا مكةَ، فدخلَ مهمومًا حزينًا على أمِّ سلمةَ بخيمتِهَا، فمَا كان منها إلّا أنْ جاءتْ بالرأيِ الصائبِ: اُخرجْ يا رسولَ اللهِ! فاحلقْ وانحرْ، فحلقَ ونحرَ، فإذا بأصحابِه كلِّهم يقومون قومةَ رجلٍ واحدِ فيحلقون وينحرون (البخاري) .

وأيضًا انظرْ لاستشارتِه لـخديجةَ رضي اللهُ عنها في أمرِ الوحيِ، ووقوفِهَا معه وشدِّهَا مِن أَزرِهِ، هكذا المرأةُ فإنَّها معينةٌ لزوجِهَا إذا أشعرَهَا زوجُهَا بقيمتِهَا فالعلاقةُ بينَ الزوجينِ تنمُو وتتأصلُ كلّمَا تجددتْ ودارتْ الأحاديثُ بينهما، فالأحاديثُ وسيلةُ التعارفِ الذي يُؤدِّي إلى التآلفٍ، فالحذرُ كلُّ الحذرِ مِن تعودِ الصمتِ الدائمِ بينكمَا، فتتحولُ الحياةُ إلى روتينٍ بغيضٍ ومِن ثمَّ تُقتَلُ المشاعرُ وتنعدمُ العواطفُ بينهمَا.

سادسًا: التلطُّفُ معهنَّ: حرصَ كُلَّ الحرصِ على إدخالِ الفرحِ، والسرورِ على زوجاتِه، ويتعاملُ مع كُلّ واحدةٍ منهنّ بمَا يُناسبُ عُمرَهَا، وميولَهَا، ومِن ذلك أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:«لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي وَالحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، وَرَسُولُ اللَّهِ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ» (البخاري)، وكان يُنادِي عليها بترخيمِ اسمِهَا، ويُخبرُهَا الأخبارَ السعيدةَ، ويتعاملُ معهَا بِكُلِّ رقةٍ، وكان يستغلُّ أيضًا أيَّ موقفٍ لإدخالِ السرورِ عليهَا، فقد صحَّ أنَّه تسابقَ معهَا مرَّتَين، فسبقتْهُ في الأولَى، وسبقَهَا في الثانيةِ، وقالَ لهَا:”هذه بِتلك” (أبو داود).

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 15 سبتمبر 2023م

 (3) حسنُ العِشرةِ بينَ الأهلِ مِن تمامِ الهديِ النبوي:

إنَّ العلاقةَ الزوجيةَ يجبُ أنْ تكونَ قائمةً على المودةِ والرحمةِ مصداقًا لقولِ ربِّنَا: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾، فالحياةُ لا تسيرُ على وتيرةٍ واحدةٍ، لذا يجبُ على الزوجينِ أنْ يتحملَ بعضهُمَا بعضًا قال تعالى: ﴿وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً﴾، وينظرَا إلى الجانبِ المشرقِ والحسنِ في كلٍّ منهمَا فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» أَوْ قَالَ: «غَيْرَهُ» (مسلم)، وتأملْ قولَ اللهِ: ﴿هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ﴾ تجدْ فيهِ معنى لطيفًا دقيقًا – ما تعجزُ الأقلامُ عن رسمِهِ والألسنةُ عن وصفِهِ- لِمَا بينَ الرجلِ وزوجهِ مِن شدةِ الاتصالِ والمودةِ، واستتارِ كلّ واحدٍ منهمَا بصاحبِهِ، فاللباسُ كما يسترُ جسدَ الإنسانِ مِن تقلباتِ الحرِّ والبردِ، ومِن نظرِ الناسِ إليهِ، فكذا الزوجُ والزوجةُ كلاهمَا سترٌ للآخرِ مِن عواصفِ الحياةِ، وأمواجِ الفتنِ.

والمتصفحُ لسيرةِ خيرِ البريةِ يجدُ تجاوزَهُ وتغافلَهُ ومداراته لأهلِ بيتِه، فقد كان يخفضُ الجناحَ لهم، ويلينُ الكلامَ، ويتركُ الإغلاظَ لهم في القولِ، وهذا مِن أقوى أسبابِ الألفةِ، فتصور لنا أنَّهُ كان رؤوفًا رحيمًا، لطيفًا رقيقًا، لا جبارًا غليظًا عنيدًا، فعن أنسٍ قال: «كانت صفيةُ مع رسولِ اللهِ في سفرٍ، وكان ذلك يومهَا، فأبطأتْ في المسيرِ، فاستقبلَهَا رسولُ اللهِ وهي تبكِي وتقولُ: حملتنِي على بعيرٍ بطيءٍ، فجعلَ رسولُ اللهِ يمسحُ بيديهِ عينيهَا ويسكتهَا» (السنن الكبرى)، كما تذكرُ تبسمَهُ وممازحتَهُ وتلطفَهُ لأهلِ بيتهِ في غيرِ إهانةٍ أو ظلمٍ، ومعاونتَهُ لهم شُئُونَ بيتِهِ، ومنازعتَهُ ومراجعتَهُ من لدن أهلِ بيتِهِ، وقد جبرَ بخاطرِ ابنتهِ زينبَ ،بفداءِ زوجِهَا أبي العاصِ بنِ الربيعِ إذ كان مِن أسرَى بدرٍ، واشترطَ عليهِ أنْ يُرسِلَ ابنتَهُ زينبَ إليه في المدينةِ، فمَا أحوجنَا أنْ نروِي أنفسَنَا مِن هذا النبعِ الصافِي، والخُلقِ الوافِي خاصةً في زمنٍ يطولُ عجبُكَ مِن حالِ بعضِ الرجالِ، يجودُ خارجًا بالكلامِ الحَسَنِ، وطولِ التبسمِ مع أصحابِهِ ورفاقِهِ، حتى إذا أغلقَ منزلَهُ، وخلَا بأهلِهِ تغيَّرتْ شخصيتُهُ، فلا ترى إلّا العبوسَ والتهجمَ، والغلظةَ والقسوةَ، ولغةَ التأفُّفِ!! مع أنَّ أهلَ بيتِهِ، ومَنْ جعلَ اللهُ بينَهُ وبينَهُم مودَّةً ورحمةً هم أولَى الناسِ بالبشاشةِ، وأسعدُ الناسِ بهذا الخُلُقِ.

بذلك تستمرُ الحياةُ ولا تكونُ عُرضةً للعواصفِ في رحلةِ الحياةِ الطويلةِ، فالمودةُ والرحمةُ إذا نُزعَا مِن المنزلِ كانت الحياةُ شقاءً ودمارًا على الأسرِ والمجتمعاتِ، ويجبُ على الزوجينِ أنْ يَعْرِفَ كُلٌّ منهما طِبَاعَ الآخَرِ، وَمَا يُحِبُّ وَمَا يَكْرَهُ، وَمَا يُسْعِدُهُ ويُحزِنُهُ، وَمَا يَنْبَغِي تَجَنبُهُ مَعَهُ، فهذا أحرَى بدوامِ العشرةِ، وأبقَى للودِّ والمحبةِ، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سيدنَا عُمَرَ وَقَالَ: «إِنَّنِي لاَ أُحِبُّ زَوْجَتِي وَأُرِيدُ طَلاَقَهَا، فَظَلَّ عُمَرُ يُنَاقِشُ الرَّجُلَ، وفِي نِهَايَةِ حِوَارِهِ مَعَهُ قَالَ لَهُ: يَا أَخَا الإِسْلاَمِ وَهَلْ عَلَى الحُبِّ وَحْدَهُ تُبنَى البُيُوتُ» ؟.(الزواجر لابن حجر)  .

لقد أوجبَ دينُنَا على الزوجينِ أنْ يعاملَ كلٌّ منهما الآخرَ بالحسنَى، وأنْ يصبرَا على بعضهِمَا، فيَا أيُّها الأزواجُ إمَّا معاشرةٌ بمعروفٍ أو فراقٌ بإحسانٍ قال سبحانَهُ: ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ وقَالَ : «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلْعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ أَقَمْتَهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» (متفق عليه) .

لقد كان رسولُنَا نموذجًا فريدًا في حفظِ العشرةِ فهو لم ينسَ ما فعلتْهُ معه السيدةُ خديجةُ رضي اللهُ عنها فكان يكرمُ صُوَيْحِباتِهَا بعدَ موتِهَا، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ امْرَأَةٌ فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ بِطَعَامٍ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنَ الطَّعَامِ وَيَضَعُ بَيْنَ يَدَيْهَا فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَا تَغْمُرْ يَدَيْكَ فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ كَانَتْ تَأْتِينَا أَيَّامَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ أَوْ حَفِظَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ» (الطبراني)، ولله در القائل:

احرصْ على حفظِ القلوبِ مِن الأذَى … فرجوعِهَا بعدَ التنافرِ يصعبُ

إنَّ النفوسَ إذا تنافرَ ودُّهَا … مثلُ الزجاجةِ كسرُهَا لا يُشْعَبُ

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنَّه أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

                                  كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال

                               مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »